أميرة عبد العظيم
أميرة عبد العظيم


«صحراء بلا روح».. قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 27 يونيو 2024 - 10:03 م

غمامة في السماء لم تكن متوقعة، أحدث نفسى كيف تظهر غمامة في سماء صيف شديد الحرارة، لم تكن الغمامة في السماء فقط بل أشعر بها وهى تتوغل بصدري، صارت كثيفة وكأن الظلام قد ملأ المكان كله .

 جعلتني أشعر بقبضة في صدري .....

حبات المطر تنزلق على زجاج الشباك وكأنها دموع الفرج القريب تلوح ببزوغ شعاع الشمس وبحلول النهار من جديد

هكذا بدأ القلب ينتعش وبدأت أستعيد نفسى بعد أن أحاط بى الحزن وخيبة الأمل عندما جاءني خبر تعطل محركات الطائرة التي تقل ابنتي وأولادها وهى في طريق العودة إلى الوطن لقضاء الإجازة الصيفية لكن الحمد لله تم إصلاح العطل، وتحركت الطائرة من جديد وأُعلن عن وصولها بالفعل إلى أرض الوطن بسلامة الله.

منذ أن تركتنى ابنتي الوحيدة" منى" وأنا أعيش في دار للمسنين فأنا لا أقوى على العيش بمفردى فقسوة الوحدة والبحث عن ونيس في هذا السن أمرا ليس سهلاً......

بَيد أن العيش في مكان لا آلفه أمر صعب فهو ليس بيتي الذي تعودت عليه طيلة حياتي ولا غرفة نومى ولا سريري الذي حينما آوي إليه يشعرني بالأمان.. ولكن هناك الكثير من مِنهاج الحياة يجبرك على أن تفعل دون أن تختار هكذا هي النهاية التي لا نخطها بإيدينا فتلك هى الريشة التي ترسم لوحات أعمارنا بدون رتوش تخلو من الألوان الزاهية يعلوها صوت الناي الحزين...

فأنا موجودة في هذا الدار رغم أنفي، ولهذا فوجود "منى" وأولادها يخفف عنى بعض الشيء وإنى والله أسعد بلقائهم ليس فقط بسبب دفئ حضورهم والفرحة التي تغمرني عندما أحتضن أحفادى وتلك المتعة التي تنتصر على أحزاني بوجودهم  مهما شكلت  من حروف هجاء للتعبير عن روحى التي تبعث في جسدى من جديد  بوجودهم....

 فابنتي تنتشلنى في فترة إجازتها من تلك البوتقة الصماء التي أعيش بداخلها إثنى عشر شهراً -سنة كاملة صبراً لا يعلمه إلا الله وما بعد الصبر يُنتَظر.!

ما يزيد الأمر صعوبة على نفسى أننى لا أستطيع البوح لابنتي بهذه الأحزان التي تسكن قلبي ولا بتلك الأوجاع التي تطاولت علىّ، فنالت من جسدى وصارت الأمراض ونيسى وأنسى.

 

منى تعيش مع زوجها وأولادها حياة مستقرة ومتحملة مسؤولية كبيرة، بيت وزوج وأولاد وتعليم، وفوق كل ذلك مشقة الغربة.

فكيف أكون أنا هماً أزيد به همومها ...لا..لا يمكن أن أشكو لها وسأظهر أمامها في أحسن صورة وكأني أعيش في سعادة غامرة مع أصدقائي هنا في الدار ليزداد رضاها واطمئنانها علىّ

وهذا ما حدث بالفعل.

جاءت منى وقضينا معا كل أيام الإجازة وعلى قدر قصرها وأنها مرت سريعاً إلا أننى شعرت بأن روحي رُدت إلىّ من جديد

لكنى آخر ليلة انتابني ذاك الشعور بالجوع الشديد والعطش وكأنى أسير من جديد إلى الصحراء إلى العيش بلا روح.... والعودة إلى طريق  الظلام .

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة